Ar Last Edition
Ar Last Edition

Download Our App

تأتي المقابلتين مع كل من الرئيس السابق لجهاز الشاباك الإسرائيلي، ورئيس مركز موشيه دايان للدراسات في إطار إظهارنا لخطورة المقاربة الإسرائيلية لأحداث المنطقة، وموقف الصهاينة من القوى المختلفة في الشرق الأوسط. ونشير إلى أننا لم نجر المقابلة مباشرة مع أي من هؤلاء، بل تمكنت الخندق من الاستحصال على هذه المادة من مصادر في الداخل الفلسطيني بشكل خاص.

هيئة التحرير

الخندق خلف الخطوط: كيف يستقرئ الشاباك منطقتنا

"

أمي أيالون، هو أحد قيادات المستوى الأمني الإسرائيلي الذين ينظرون للمنطقة بشكل مختلف. تسلم الرجل قيادة الشاباك (الأمن العام) بين عامي 1996 بعيد حادثة اغتيال رابين، قبل أن يصير عضواً في الكينيست عام 2000، ووزيراً عن حزب العمل عام 2007. الرجل اليساريّ، كما يقدّم نفسه، يقف اليوم على أقصى اليمين. بالنسبة إليه، شارون هو الشخصية الأمثل في التعاطي الواقعي مع الأزمات. أمّا المنطقة فقد دخلت مرحلة سائلة لم يعد معها ممكناً قراءة الأمور على نحو ما اعتدنا عليه. في هذا الحوار يقدم أيالون مقاربته لمسألة الاستيطان، وحل الدولتين، فضلاً عن رؤيته لمستقبل المفاوضات.

في الكيان الصهيونيّ، يقولون أنّه الأمني الأكثر واقعيّة. ولد آمي أيالون في طبريا، ذاك ربما ما جعله على تماس مباشر مع "العدو السوري" كما يقول. يعي الرجل جيداً خطورة أن يكون أعداء "اسرائيل" على تماس مباشر مع حدودها. لذا فإن ثمة مقاربة أمنية خاصة به، عند قراءته المشهد الفلسطيني والعربي برمته.

يقول أيالون، أنه وحتى عام 1987 "كنا نفهم فكرة المستوطنات كفكرة لادينية، لقد نظر الإسرائيليون للمستوطنات في غور الأردن، أو في الجولان، أو سيناء، بالقرب من الحدود باعتبارها مشروعاً لترسيم الحدود. هذه كانت فكرة الصهيونية منذ لحظتها الأولى، وهذا ما ترسخ بسياسات الصهاينة في الثلاثينيات والأربعينيات، والتي قامت على دعامتي "الاستيطان والأمن". يعرف أيالون الفكرة الصهيونية الأولى للحدود بالقول: في تلك المرحلة بنينا دولة لليهود، وكانت الحدود عند كل حد نستطيع فيه بناء المستوطنات، وزراعة الأرض، وحماية أنفسنا. هذه الفكرة استمرت نفسها حتى عام 1967، حيث لم نكن ننظر لأنفسنا باعتبارنا يهوداً فقط.

عام 1987 وبسبب الانتفاضة، وبعدما رأينا حقد وكره الفلسطينيين لنا، حدث فارق ما. لقد اعتقدنا أننا حررنا هذا المكان (فلسطين)، وحوّلنا المجتمع الفلسطيني إلى مجتمع ليبيرالي، فجأة صُدمنا بكرههم لنا. قبل ذلك، كنا نقول، حسناً لقد احتلهم الملك الأردني من قبل، ونحن احتلينا أرضهم أيضاً، لكن احتلالنا مستنير، لقد بنى احتلالنا لهم الجامعات والطرقات، والصروح المعرفية. فقط في تشرين 1987 اكتشفنا أنّهم يكرهوننا.  وأنهم لا  يريدوننا هنا، في تلك اللحظة تبدّلت القناعات. لقد اعتقدنا في السنوات العشرين الأولى من احتلال الضفة الغربية (أي بين عامي 1967 – 1987) بإمكانية تحقيق السلام، لكنّا بعد الانتفاضة الأولى، ومن ثمّ الانتفاضة الثانية أيقنّا أن ما من سلام يمكن أن نبنيه مع هؤلاء. ليس ثمة شريك فلسطيني للسلام.  وإذا ما سألتموني اليوم حول فرص السلام، أقول أنه لا مفر للدولة اليهودية الديمقراطية من السلام، نعم ينبغي انهاء الاحتلال، لكننا نحن الأقوى، لذا ينبغي أن نقوم نحن بالخطوة الأولى وفق رؤيتنا. لكن هذا أمر في غاية التعقيد ويتطلب صيرورة طويلة الأمد، لأن الأمور صارت أعقد. ونحن أمام شرق أوسط مختلف كلية عما عرفناه سابقاً، فالقيادات صارت أقل قدرة وقوة، سواء العربية منها أو الإسرائيلية.

واحدة من مشاكل القيادة الإسرائيلية أنها أكثر براجماتية، وأقل مبدئية، يقول أيالون. هذه إشكالية بنيوية في ما يخصّ السلام، أو الاستقرار في المنطقة. الليكود اليوم يفكر بمزاج شارعه أكثر مما يفكر  في المستقبل. هذا سببه ضعف قيادة الليكود. من قبل، كان شارون نموذجاً للقيادة القادرة على اتخاذ القرارات. بعيد تورط الأمريكيين في العراق عام 2003، ومع ازدياد الضغط عليه، وحتى لا يخسر الدعم الاستراتيجي للولايات المتحدة لـ"اسرائيل"، أخذ شارون قرار الانسحاب الأحادي الجانب من غزة، دون أي ضمانات. بالرغم من أن الرجل كان في فترة من الفترات الأب الرسمي لمشروع الاستيطان الاسرائيلي، إلا أن شارون أعطى أولوية "الدولة" ومصالحها على حساب رؤاه الخاصة. فنحن نفتقد لقيادات من مثل هذا النحو يضيف.

بنحو عملاني، يطرح أيالون مسألة الشارع كأبرز محدد للسياسات في المرحلة المقبلة. "رهاني اليوم لم يعد على القيادات، بل على الشارع" يقول. "الشارع هو الشريك الأساسي في أي عمليّة سلام مقبلة؛ الشارعين الإسرائيلي والفلسطيني، لا القيادات". يجب أن نقول الأمور بصراحة: القيادات السياسية لم تعد ترى الأمور بوضوح، فضلاً عن عدم امتلاكهم القوة الكافية للقيادة". ما هي القيادة بحسب أيالون؟ "القيادة ليست القوة على الفرض، أو التمثيل الشعبي فحسب، بل هي قبل كل شيء الشرعية. شرعية التمثيل. أبو مازن اليوم لا يمتلك شرعية في شارعه الفلسطيني. اليوم، إذا ما أقيمت انتخابات في فلسطين، الكل يعرف أن أبو مازن لن ينجح، فشرعيته ممثلة بحدود 20 – 25% كحد أقصى، بسبب إيمان الفلسطينيين بالانتفاضة وحدها كخيار يعيد لهم مكانتهم وكرامتهم. أبو مازن ضد قيم الانتفاضة. "أنا شخصياً مقتنع به كشريك في السلام، لكن غالبية الفلسطينيين والإسرائيليين ليسوا مقتنعين به" يضيف الرجل. "ومن هنا اعتقاده بأن الفلسطينيين لا يؤيدون حماس لمشروعها، بل يؤيدونها لأنها حركة عنفية، وهذا ما يتطلع إليه الفلسطينيون". هم غير مؤمنين بالعمل الدبلوماسي لاسترداد حقوقهم بحسب زعمه. وهذه نقطة في غاية الأهمية، "إنهم يؤمنون بحماس كحركة مقاومة ونحن نعلم أن حماس، شأنها شأن كل حركات الإخوان المسلمين في المنطقة، تعتمد المقاومة كتكتيك لا كاستراتيجية".

يضيف في تحليله لجماعة الإخوان المسلمين، بالقول: أنا إذا ما أردت تحليل جماعات الاخوان المسلمين في المنطقة على اختلاف توجهاتهم يمكن لي القول، بأنهم دائماً وأبداً، في كل مرة يخيّرون فيها بين المقاومة والدعوة، أو بين العنف والدعوة يختارون الدعوة بدلاً عن العنف. هم يستندون إلى نوع من المشروعية الديمقراطية، نعم، هم ليسوا ليبيراليين وديمقراطيين كما أفهم الديمقراطية أنا، لكنهم يأخذون رأي الشارع بالاعتبار. وعليه، فعندما نطرح نحن مشروعاً جاداً لحل الدولتين، لن يعارض الإخوان المسلون، وسيعودون لأولوية الدعوة على المقاومة من جديد.

"

صحيفة الخندق