Ar Last Edition
Ar Last Edition

Download Our App

مع انهيار قوات الجيش والشرطة الأفغانية أمام حركة طالبان، أصدر أنتوني كوردسمان، الباحث بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية الأميركية، قراءة بحثية مطولة حاول من خلالها تحليل انهيار القوات الأفغانية. حيث نشر في 9 آب ورقة تحليلية مطولة من 94 صفحة تحت عنوان 'دروس من الحرب'""

هيئة التحرير

إعتراف أميركي: لقد خدعتنا التقارير

مع انهيار قوات الجيش والشرطة الأفغانية أمام حركة طالبان، أصدر أنتوني كوردسمان، الباحث بمركز الدراسات الدولية والاستراتيجية الأميركية، قراءة بحثية مطولة حاول من خلالها تحليل انهيار القوات الأفغانية. حيث نشر في 9 آب ورقة تحليلية مطولة من 94 صفحة تحت عنوان "دروس من الحرب"[1]، أتبعها بورقة أخرى في 16 آب بعنوان: "أسباب انهيار القوات الأفغانية"[2]، والورقتان على درجة من الأهمية، نظراً لكونهما أول ورقتين تتناولان أسباب التحول الميداني السريع في أفغانستان، بنحو من الموضوعية.

يشبه كوردسمان ما حدث في أفغانستان اليوم بما حدث من قبل في فيتنام. انتصارات غير مجدية للقوات الموالية للولايات المتحدة، التركيز السلبي على المدن، الغرق في الفساد والانقسامات الداخلية، وعدم تنسيق الولايات المتحدة لمرحلة ما بعد الانسحاب بشكل رئيس.

يشدد كوردسمان في ورقتيه على أن انهيار القوات الأفغانية كان شبيها بانهيار بيت من ورق استغرق بناؤه عشرون عاماً، ويعزو حدوثه إلى إخفاقات على المستويين المدني والعسكري يتحمل مسؤوليتها كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي خلال حكم 4 رؤساء هم: بوش الإبن، وأوباما، وترامب، وبايدن. فضلاً عن إخفاق الحكومة الأفغانية حيث لا يمكن لأي قوة خارجية أن تساعد حكومة فاشلة لا تستطيع أن تساعد نفسها.

يزعم كوردسمان بأنه لا يوجد سبب واحد لانتصار طالبان. وقال إن الانهيار المفاجئ للحكومة الأفغانية وقواتها يتسق مع دروس التاريخ بأن الانهيارات العسكرية غالباً ما لا تكون متوقعة بوضوح حتى مراحلها النهائية، إنما كثيراً ما تحدُث على خلفية تحولات مفاجئة في تصورات ومواقف القادة وقوات الأمن أكثر من كونها أسباباً قابلة للقياس أو نتيجة مباشرة للقتال.

 

  • أبرز أسباب الانهيار بحسب كوردسمان:

تعثر المفاوضات وإعلان الانسحاب الأميركي:

عقب قرار الولايات المتحدة سنة 2014 الانسحاب من أفغانستان، تراجعت جهود الدعم المدني الأميركي للحكومة الأفغانية، ومعها جهود التدريب والمساعدة الأميركية للقوات الأفغانية. وبالتزامن مع ذلك أعلن، كان ترامب وبايدن قد أعلنا مواعيد نهائية للانسحاب الكامل عام 2021، دون ربط تلك الانسحابات بأي تقدم في عملية التفاوض لبناء نظام سياسي جديد. بالتوازي مع هذه "المعمعة" جاءت خطوة تخفيض عدد القوات الأميركية وقوات الناتو بالتدريج، وإطلاق سراح أسرى طالبان؛ مما أثر على معنويات حلفاء واشنطن الأفغان، الذين اقتنعوا بأن واشنطن خسرت الحرب وهي ستتخلى عنهم، ما أفقدهم إرادة القتال، ودفع العديد منهم للتواصل مع طالبان لترتيب أوضاعهم المستقبلية.

الانقسامات داخل الحكومة الأفغانية:

بحسب كوردسمان اتسمت الحكومات الأفغانية المتتالية منذ الغزو الأميركي لأفغانستان عام 2001 بسمات عدة، أبرزها الانقسامات العميقة بين القادة السياسيين، والخلافات العرقية والطائفية والقبلية، واستشراء الفساد. حتى أن العديد من المسؤولين من أمراء الحرب انخرطوا في الاتجار بالمخدرات، واستخدموا قواتهم للحفاظ على مصالحهم؛ مما جعل أغلب القوات الأفغانية قوات عسكرية غير فعالة. أما الحكومة الأفغانية فظلت تعتمد على المساعدات الخارجية التي بلغت حوالي 80٪ من دخلها، وهو ما جعلها غير قادرة على الاستمرار دون دعم خارجي.

التقييمات غير الحقيقية للواقع:

يركز كوردسمان على أن التقارير العسكرية والمدنية الأميركية الرسمية، اتسمت بالمبالغة والخداع وعدم الواقعية والمبالغة في إبراز قدرات القوات الأفغانية، مع افتراض ضمني بأن تطرف طالبان كان قد أفقدها شعبيتها السياسية بنسبة كبيرة، لدرجة أن الحكومة الأفغانية كان يُنظر إليها دائماً من طرف واشنطن على أنها القوة التي تحظى بالدعم الشعبي.

يقول كوردسمان، منذ عام 2007 على الأقل أنكرت قواتنا وجود مشاكل حرجة في تنظيم وتدريب ومعدات وقيادة القوات الأفغانية (بلغ معدل التسرب السنوي في صفوف الجيش الأفغاني عام 2020، 25٪ بسبب الخسائر في الأرواح وبسبب فرار الجنود الأفغان من وحداتهم).

باختصار، كانت التقارير مضللة. إذ أبلغت الأخيرة عن مستويات نجاح غير حقيقية في تطوير القوات الأفغانية وفي العمليات القتالية. أما على الأرض، فغابت الكفاءة عن أغلب أفراد القوات الأفغانية، باستثناء نواة الجيش القتالية (البالغ عدده 300 ألف) والتي كانت صغيرة الحجم وتقتصر على وحدات النخبة المعتمدة على الدعم الاستخباري والجوي الأميركي، وجهود المتعاقدين الأجانب، وهي غير قادرة على القتال بمفردها بمعزل عن الدعم الأميركي. أما عديد القوات النظامية فقد انشغلت بتأمين المدن الرئيسية والعاصمة وإقامة نقاط تفتيش على طرق محددة بغرض فرض الأتاوات وتنفيذ عمليات ابتزاز للمواطنين، الأمر الذي سمح لطالبان بالتمدد في الأرياف والسيطرة بشكل متدرج على الطرق الرئيسية.

هكذا يخلص كوردسمان إلى أن التقارير الرسمية الأميركية قللت باستمرار من قدرات طالبان، وتجاهلت تاريخها كحركة سياسية حكمت بالفعل أفغانستان حتى عام 2001. في حين ركزت التقارير على نتائج المعارك العسكرية المباشرة، وتجاهلت تطور المواجهات ونموها لتصبح تمرداً واسع النطاق، كما أغفلت نمو نفوذ طالبان وانتشار سيطرتها في الريف وقدرتها على تنفيذ هجمات انتقائية داخل المدن الأفغانية والمناطق المأهولة بالسكان في ظل غياب النفوذ السياسي والحكم الفعال والأمن من قبل الشرطة الأفغانية.

من جهة أخرى، يعترف الكاتب أن طالبان طوّرت قدراتها على نشر قواتها بسرعة، وركزت على نقاط ضعف سياسات الحكومة الغارقة في الانقسامات الداخلية وانتشار الفساد مما سمح بزيادة نفوذ طالبان وسيطرتها منذ عام 2016 فصاعداً على المزيد من الأراضي بالتزامن مع اعتمادها لتكتيكات تشمل تخويف القادة الرئيسيين أو قتلهم، أو رشوة المسؤولين والضباط البارزين مما أدى في نهاية المطاف إلى انهيار القوات الأفغانية.

صحيفة الخندق