Ar Last Edition
Ar Last Edition

Download Our App

كـيـندا، اسمٌ عربيٌ يعني «قطعة من الجبل»، وهو أيضاً اسمُ قبيلة سورية كانت تشتهر بشجاعتها، أو المملكة القوية التي لا تُهزم، ويقالُ كذلك، أنه نوعٌ من  الورود ذات الرائحة الجميلة العطرة، وتسمى زهرة الـكيندا. لكن؛ ماذا لو حملت إحداهُنَ هذا الاسم وتجردت من كل معانيه دفعةً واحدة،

سلوى عمر

تهـاوُن الـقضاء يعني مزيداً من الـعُملاء

"

كـيـندا، اسمٌ عربيٌ يعني «قطعة من الجبل»، وهو أيضاً اسمُ قبيلة سورية كانت تشتهر بشجاعتها، أو المملكة القوية التي لا تُهزم، ويقالُ كذلك، أنه نوعٌ من  الورود ذات الرائحة الجميلة العطرة، وتسمى زهرة الـكيندا.

لكن؛ ماذا لو حملت إحداهُنَ هذا الاسم وتجردت من كل معانيه دفعةً واحدة، فلا هي تُشبه الجبال في شمُوخها وعزتها، ولا تترك أثراً عطراً فواحاً حين يُذكر اسمها، وكيف لو ارتبط اسمها بالتخابر مع العدو الذي ظنَ ذات وهم ووهن أنه لا يُهزم!!

ضجت منصات التواصل بخبر إخلاء محكمة التمييز العسكرية سبيل العميلة «كيندا الخطيب»، المدانة بالتخابر مع العدو الإسرائيلي ومُحاولة تزويده بمعلوماتٍ أمنية، وأنها بصدد الانتهاء من الأوراق الرسمية، قبل أن تُلقي كلمة مرتقبة أمام الرأي العام والإعلام!

خبر كهذا يُفرح العملاء ومن يدور في فلكهم بلا أدنى شك، ويُشرّع الباب على مصراعيه لمن ينوي السير على خطى كيندا مستقبلاً، لاطمئنانهم أنْ لا عُقوبة مشددة تنتظرُ العُملاء، كما يُثير مجدداً تساؤلاتٍ تطال استقلالية المؤسسة القضائية اللبنانية وكفاءتها في معاقبة من تسول له نفسه بالتفكير ولو لوهلة، أن يُسدي خدمةً لعدوٍ وجودي يحتل الأرض ولا يتوانى عن التهديد بإبادة البشر والحجر كلما لاحت له الفرصة لفعل ذلك، وما يمنعه من مُباشرة تنفيذ تهديداته فقط وفقط مقاومةٌ تصل الليل بالنهار بعملٍ دؤوب لحماية لبنان من التكفيري والإسرائيلي على حدٍ سواء، المقاومة ذاتها التي تكنُ لها كيندا بالغ الحقد والعداء، لا لشيءٍ سوى أنها كسرت هيبة الجيش الذي لم ترَ كيندا وأعوانها في مُساعدته جُرماً يستحق الإدانة والعقاب، ولا مُشكلة لديها في مُشاركة تغريدة للناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي «أفيخاي أدرعي» تضمنت فيديو تحذيرياً للسياح من زيارة لُبنان، عوضاً عن تواصُلها مع الجُندي الإسرائيلي ومراسل قناة «كان» العبرية «روعي كايس»!

يكاد يكون لبنان «رغم صغره»، البلد الأكثر احتضاناً للتناقُضات، بالنسبة لملف العُملاء فهذا ليس بالشيء الجديد، فقد سبق وأفرج عن جزار الخيام العميل عامر الفاخوري الذي أمعن في تعذيب الأسرى وتفنن في أساليب شبحهم وكان يطرب لسماع أوجاعهم وصرخاتهم إبان احتلال الكيان الصهيوني للجنوب، الفاخوري تم تهريبه خارج لبنان بطائرة مروحية من قلب السفارة الأمريكية بإيعازٍ أمريكي سُرعان ما لبـته أدوات عوكر وأزلام شيا في لبنان سمعاً وطاعة، كما طالب راعي بكركي مراراً وتكراراً بعودةِ عُملاء لحد من الأراضي المُحتلة، طالب بهذا دون أدنى خجلٍ أثناء وبعد عودته من زيارة ذات طابعٍ تطبيعي مهما حاول التلطي خلف صولجانٍ يحمله بيده، البطرك هُنا ينطق بلسان يهوذا الاسخريوطي لا بلسان المسيح ابن مريم عليهما السلام.

يقول الشهيد الفلسطيني غسان كنفاني:- «إن الخيانةَ في حد ذاتها ميتةٌ حقيرة»، ويقولُ في السياق ذاته، «حين تخون الوطن، لن تجد تراباً يحنُ عليك يوم موتك، ستشعر بالبرد حتى و أنت ميت»!

إنَ محاولة التماس الأعذار وسَـوْق التبريرات اللامنطقية لتمييع وطأة الجُرم الذي ارتكبته كيندا وغيرها من العُملاء أو الاستخفاف بلائحة الاتهام التي تضمنت قيامها بتزويد العدو معلومات أمنية، تندرج تحت عنوان «عُذر أقبح من ذنب»، هذه المعلومات مهما كانت بسيطة أو العكس، فإنَ العدو سيستفيد منها على الوجه الأكمل ولن يُهملها، حتى لو كانت حول الطبق المُفضل لمقاومٍ ما، أو مقربٍٍ منه والأماكن التي يرتادها عادةً على سبيل المثال لا الحصر.

أتذكر وقد كان عمري وقتذاك 6 سنوات، كيف تمكن العدو الإسرائيلي بعد محاولات عدة فاشلة من اغتيال الشهيد يحيى عياش، الذي أذاق الكيان الأمرين، توصلوا له بسبب معلوماتٍ بسيطة من عميلٍ وغد وجبان مكّن مخابرات الجيش الإسرائيلي من الإمساك بطرف خيط والتوصل للشهيد وتحديد مكانه وبالتالي اغتياله، هنا خسرت كتائب عز الدين القسام مهندسها الأذكى، وبكته فلسطين دمعاً ودماً، برجالها ونسائها، بشبابها وشيبها، وأتذكر أيضاً كيف كان إعدام العملاء في ساحة البلدة العامة وسماع أخبار إعدامهم في القرى المجاورة يثير الرهبة والفرح في آنٍ ويردع.

العملاء هم يد «إسرائيل» التي تبطشُ بها حين تشح المعلومات ويستعصي عليها أمرٌ ما، وهم أيضاً كبشُ الفداء عند انتهاء الحاجة منهم أو افتضاح أمرهم قبل أداء مهامهم الموكلة إليهم، وهم الصنفُ الأحقر في نظر من يُجندهم، ذاكَ لأنَ خائن وطنه لا عهد ولا أمان له، هكذا تراهم «إسرائيل» بـعمقها التُلمودي.

ختاماً؛ ما من شيء يمحو عار العمالة، ولو مرَّ ألف دهر ودهر، فالخيانة لا تسقط بالتقادم بل تُسقط صاحبها في مستنقع قذارة لا طهر منه، وهي ندبة بشعة تلازم الموشوم بها أبد العمر، وصمةٌ تـنبذهُ ولا تميزُه، كالمصاب بالجذام تماماً، الخيانة إثمٌ يدفع للإشارة بالبنان والقول الصريح دون أدنى تردد أو تعاطف: -أليس هذا العميل!؟

"

كاتبة فلسطينية