Ar Last Edition
Ar Last Edition

Download Our App

منذ يومين بدأ الهجوم من الإعلام السعودي - الأميركي - الإماراتي؛ صحيفة الشرق الأوسط السعودية تنشر يومياً تقارير ومقالات للهجوم على التهديد الذي وجهه السيد حسن نصرالله للعدو، بعدما باشر الأخير بتنفيذ الخطوات الأخيرة اللازمة لإنتاج الغاز من حقول بحرية متنازع عليها مع لبنان

حسن عليق

مروان: اللبناني كما يحبه الإسرائيلي

منذ يومين بدأ الهجوم من الإعلام السعودي - الأميركي - الإماراتي؛ صحيفة الشرق الأوسط السعودية تنشر يومياً تقارير ومقالات للهجوم على التهديد الذي وجهه السيد حسن نصرالله للعدو، بعدما باشر الأخير بتنفيذ الخطوات الأخيرة اللازمة لإنتاج الغاز من حقول بحرية متنازع عليها مع لبنان. والأمر نفسه تقوم به جريدة "النهار" اللبنانية، التي صارت تعتمد بصورة كبيرة على التمويل الإماراتي. أمس، مثلاً، نشرت "النهار" أربعة تقارير ومقالات (بينها المانشيت) للهجوم على خطاب السيد الموجّه إلى العدوّ. وأبرز ما نشرته "النهار" هو مقابلة مع مرشدها مروان حمادة، قال فيها إن السيد "وضع مسدسه فوق رؤوس الرؤساء الثلاثة وقائد الجيش".

مروان تجدونه دائماً في مقدّمة المدافعين عن "إسرائيل" ومبرري عدوانها على لبنان، وصولاً إلى دفاعه عن سرقة العدو لثرواتنا كما عن منعنا من البحث عن النفط والغاز في بحرنا.

من الضروري أن نتذكّر كيف ينظر مروان حمادة  إلى نفسه، وهو ما نعرفه من كلامه الصادق أمام معلمه الأميركي (لديه معلّمون آخرون). وثائق ويكيليكس كشفت لنا حقيقة مروان. عام ٢٠٠٦، وبعدما تحمّس للعدوان، أُحبِط مروان نتيجة عجز العدو عن الانتصار في الحرب. وبعد أيام على وقف القتال، اعترف مروان للسفير الأميركي جيفري فيلتمان قائلاً: "نحن كالعاهرات… نتذكّر من يعطينا المال".

كلّما نطق مروان، يخطر ببالي: مروان الذي "كالعاهرات". وأتذكّر مقال زياد الرحباني عنه بعنوان "قحباء يا مروان". كتبه الرحباني قبل انكشاف "ويكيليكس"، وقبل أن تثبت لنا تلك الوثائق ما كنا نعرفه جيداً عن تموضع مروان وأشباهه في زمن الحرب: كانوا الأكثر حماسة ضدّنا في معسكر الأعداء. ثم أتنبّه إلى أن هذا الكلام فيه إهانة لكل امرأة جار عليها الزمن واضطرها للعمل في الدعارة، أو قررت أن تمتهن الدعارة بمحض إرادتها. تشبيه مروان لنفسه بالعاهرات إهانة أيضاً لكل ضحايا الاتجار بالبشر.

مروان هذا وأشباهه يؤدّون وظيفتهم: في معركة بأهمية الحفاظ على ثروتنا المفترضة، وفي معركة منع عدوّنا من سلبنا حقوقنا، هم يقفون مع العدو. ليسوا معه بقلوبهم وحسب، بل بخناجرهم قبل أي شيء آخر… يراوغون بكلام إنشائي عن العداء لإسرائيل والتاريخ النضالي، فيما هم يعاونون العدوّ في عدوانه، ويتمنّون انتصاره علينا، ويسعون معه لتحقيق هذا الانتصار، ويزايدون عليه. يشيطنون الخطاب التهديديّ الموجّه للعدو، ويسلبونه أي بُعد وطنيّ، ويعتبرون أن السيد قال ما قاله، خدمةً لإيران. وعندما يوجّه السيد أسلحتنا إلى الأعداء، يقول مروان أن السيد يصوّب مسدسه باتجاه الرؤساء والجيش. العدوّ لا يرقى في دعايته إلى مستوى مروان وأشباهه. ينزعج قادته من معادلة قوتنا، ويعترف بتأثيرها عليه، فيهبّ مروان للتوهين بها والقول انها لا تستهدف العدو.

في جيش العدو مؤسسة كبيرة اسمها "الناطق". "الناطق باسم جيش الدفاع". في بلادنا، نعرف منها كائناً لزجاً اسمه أفيخاي ادرعي. الأخير صورة بلهاء عن مؤسسة طويلة عريضة، تضم أقساماً للإعلام وأخرى للدعاية النفسية والتضليل… وأهم ما فيها جهاز الرقابة (في كيان العدو، كل ما له صلة بالأمن، يخضع لرقابة مسبقة. يُمنع صحافيون من نشر مقالات او أجزاء من مقالات، بزعم إضرارها بالأمن). ويتولى الناطق (ليس اللزج أدرعي) تنظيم توزيع المعلومات إلى الصحافة، في لقاءات دورية، مع تحديد المسموح نشره والممنوع. ولذلك، تجد في الكثير من الأحيان رواية موحدة عن قضايا أمنية لدى غالبية صحافيي العدو.

كماخة أفيخاي أدرعي ولُزوجته وسماجته وضعف تأثيره في الرأي العام العربي حقيقة يُدركها جيش العدو. لكن قيادة الاحتلال لن تبذل جهداً وموارد لتدريب ضباط على أداء دور الناطق باللغة العربية، في ظل وجود أفراد "خلف خطوطنا"، يؤدون وظيفة الناطق، بأفضل مما يتمناه جيش الاحتلال.

اليوم يريد العدو منعنا من إنتاج الغاز، لضمان هيمنته على السوق في شرقي البحر المتوسط. ولأجل ذلك، يريد تعطيل كل أسباب قوتنا:

-  أن يستند إلى الطريقة البلهاء المعتمدة لبنانياً للتفاوض.

-  أن يستند إلى الوسيط الأميركي المنحاز له.

-  أن يحيّد قوتنا العسكرية عن ملف الترسيم، لعلمه بأنها القادرة على فرض معادلة تدفعه للتراجع… ولو قليلا.

لن يطلب الناطق من جيشه الإلكتروني التحرك. ولن يسأل عميلاً أن يكتب مقالاً وضيعاً يُنشر في موقع مغمور. من دون صدور أوامر، سيتحرك مروان وأشباهه للهجوم على مقاومتنا، فيما هي تحاول أن تحمي بلادنا وما بقي لنا من ثروة. سيطلّ أفيف كوخافي، رئيس أركان جيش الاحتلال، ليهدّد لبنان بالتدمير والإبادة. مروان لم يسمع ولم يقرأ، كونه منشغلاً بالتحضير لإطلالة جديدة يقول فيها إن المقاومة تصوّب مسدسها إلى رؤوس الرؤساء اللبنانيين وقائد الجيش اللبناني. لن يحمل كوخافي هاتفه ليتّصل بالناطق باسم جيشه ليطلب منه العمل في لبنان. ففي بيروت ناطق أكثر فعالية: مروان وأشباهه. خبِرَهم جيش الاحتلال جيداً. يوم كان "رجل اسمه بلال في وادي الحجير يحضر خراطيم الدبابات  خردة نزرع فيها الياسمين" (على ما قال محمد ناصرالدين)، كان مروان وأشباهه يتحسّرون على جنازير مدرّعات الغزاة.

باختصار، مروان كفضيحة ثكنة مرجعيون عام 2006، التي خلّد جوزف سماحة توصيفها بعبارته التي لا تزال نضرة:

"مروان" إيديولوجيا حاكمة لا انحراف بسيط. "مروان" هو اللبناني كما يحبه الإسرائيلي.

صحافي لبناني