المجد للرصاص والموت للقلم وصوت المؤثرين وللأفواه الذابلة التي لا حول لها غير تعداد شواهد القبور. الأرض تحتج وما تريد غير الرصاص لأصحاب الحق، لمن يدافعون عنها بما تبقى في أجسادهم الفانية من روح. 365 كيلومتر مربع (مساحة قطاع غزة) هي المساحة الجغرافية التي مهّدت للقيامة الجديدة وفصلت الناس بين قاتل ومقاوم لا ضحية. لن نكون ضحايا، لن نكون مصطلحات في القوانين الدولية وبرامج المنظمات الإغاثية التي تنشر العجز بدلاً من الصمود ومشاريع السلام المزعوم بدلاً من فعل المقاومة
حربنا على النازية المستمرة
المجد للرصاص والموت للقلم وصوت المؤثرين وللأفواه الذابلة التي لا حول لها غير تعداد شواهد القبور. الأرض تحتج وما تريد غير الرصاص لأصحاب الحق، لمن يدافعون عنها بما تبقى في أجسادهم الفانية من روح. 365 كيلومتر مربع (مساحة قطاع غزة) هي المساحة الجغرافية التي مهّدت للقيامة الجديدة وفصلت الناس بين قاتل ومقاوم لا ضحية. لن نكون ضحايا، لن نكون مصطلحات في القوانين الدولية وبرامج المنظمات الإغاثية التي تنشر العجز بدلاً من الصمود ومشاريع السلام المزعوم بدلاً من فعل المقاومة.
الدراما اليوم تتجه نحو أبطال المنظمات أكثر من المقاومة التي استبسلت رغم الصعوبات الجمّة ورغم سنوات الحصار اللئيم الذي يفرضه الاحتلال المختل. والعدوّ يحاول تلفيق سردية الاعتلال النفسي لأسراه لدى المقاومة بإصابتهم بمتلازمة ستوكهولم إثر تعاطفهم مع القسّام وينسى أنه ليس غير شعب مشتت مصاب بمتلازمة ستوكهولم أصلاً. إن أمعنا النظر في هذه الظاهرة النفسية، يمكننا ربطها بتجربة اليهود خلال عهد الرايخ الثالث المنظّر لإمبراطورية الألف عام. كان من أهداف الرائخ الرئيسية أوروبا خالية من يهود. لكنه لم يكن وحده، الفاتيكان كان كارهاً لليهود، أميركا نفسها كانت على رأس الدول لم تستقبل اليهود المهجّرين. هم نظروا إليهم على أنهم ورم سرطاني إذا أصاب دولة ذابت تحت سلطة الحاخامات واللوبيات اليهودية. مخاوفهم وقعت بالفعل في أميركا. واشنطن اليوم المحكومة إلى حد كبير من لجنة الشؤون العامة الإسرائيلية الأمريكية (إيباك). تعمل هذه اللجنة من خلال الضغط على الإدارة الأميركية والمؤسسات السياسية الموجدة في واشنطن من أجل توفير الدعم المالي لـ"إسرائيل"، إضافة الى بث الدعاية الإسرائيلية لشرعنة القتل والاعتداء في شرقنا تحت عنوان التصدي للإرهاب بحسب تصنيفهم.
المضحك المبكي في قاموس المصطلحات السياسية هذه أن اللجنة تؤكد على ديمقراطية "إسرائيل"، وهذا ما يتوافق مع المصالح الاميركية العالمية. وتشدد على ان "إسرائيل" تختلف عن جاراتها الدول العربية التي تفتقر إلى أُسس النظام الديمقراطي، وبهذا تؤكد أن "إسرائيل قريبة من الولايات المتحدة أكثر من أية دولة عربية"، فتمنع اللجنة وتقمع وتبتز لمنع إصدار أي تشريع جديد قد يؤذي "إسرائيل" أو يؤثر على العلاقات الاميركية – الاسرائيلية. هكذ سقطت أميركا تحت سلطة اليهود كما كاد أن يحدث في ألمانيا وروسيا سابقاً قبل الحربين العالميتين الأولى والثانية. وما حدث كان انتصاراً ساحقاً للصهيونية.
الكيان الذي يقاتله القسام اليوم هو خلاصة هذه التجربة الكبيرة. إنه كيان بسلطة كونية، يضمّ أفراداً مصابين بمتلازمة ستوكهولم منذ التأسيس. هو كيان يعادي الرايخ ويمارس تعاليمه حذو النعل بالنعل. بداية ببث الدعاية الشاملة لنشر وقائع مزيّفة حول أحقيّة اليهود بتأسيس دولة تسمى بإسرائيل على الأراضي الفلسطينية، وقد زعموا أنها كانت فارغة من وأهلها، وصورها على أنها صحراء خالية كما في افلام هوليوود المسيّرة بما يتماشى مع المبادئ الصهيونية. تشريع داخلي وسياسة خارجية مقيدة بواسطة الإيمان العنصري أن "إسرائيل" قد تم اختيارها من الله كدولة الشعب المختار الذي تجرأ على خيانة الله مباشرة فيما مضى. نظرية التوسع من النيل إلى الفرات بواسطة القوى العسكرية، وقيام شعب "إسرائيل" المتفوق عنصرياً بتأسيس حكم دائم في الشرق الأوسط كانت تماهياً استوكهولمياً مع الرايخ. حتى نظرة الصهيونية للنساء، كانت مطابقة إلى حد كبير النظرة النازية. هم أعطوا النساء أيضاً دوراً هاماً من خلال تشجيعهم على الإنجاب لزيادة السكان "من أصحاب العرق النقي" لتعويض الأعداد التي فُقدت خلال الحرب العالمية الثانية.
من ناحية إجرام الصهاينية نعود بالتاريخ بالسردية الغربية الى مؤتمر فانزي الذي طرح مشروع تحت اسم "الحل النهائي" والقصد إنهاء وجود اليهود في أوروبا وشمال أفريقيا من خلال القانون. هدف المؤتمر إلى مناقشة تفاصيل لوجستية لكيفية إخلاء أوروبا من اليهود بعد أن اصبحوا عبئاً على الدولة خلال الحرب. آراء راينهارد هايدريش، وصديقه آيخمان في المؤتمر قد لا تبدو فارقة بشيء عن آراء بن غفير وسموترتش اليوم. والأمر ليس محصوراً بحكومة "إسرائيل" اليوم يمينية. يتشابه أركان النازية والمسؤولون الإسرائيليون على الدوام. منذ النكبة سنة 1948 أو ما تسميها "إسرائيل" بـ"حرب الاستقلال" عندما سيطرت على ما يقرب من 80% من الأراضي الفلسطينية، بفعل مذابح شبيهة بدير ياسين. إنهم حيوانات تعاني السعار، اذ يقتل هؤلاء الناس من أجل القتل ليس إلا. من في كل المراحل التي تلت؛ في قرار مجلس الأمن رقم 242 لعام 1967، ثم الإجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982، ثم في سياساتهم ما بعد اتفاقية أوسلو للسلام 1993، مروراً باقتحام زعيم حزب الليكود الإسرائيلي أرييل شارون المسجد الأقصى عام 2000، والتي كانت شرارة الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وصولاً إلى حصار العدوّ الإسرائيلي لغزة واعتداءاته المتكررة على أهل القطاع في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين. كلها مراحل لا يمكن تجاهل طرق القتل والتنكيل الإسرائيلي بالشعب الفلسطيني معها، حتى وصل الأمر إلى حد سرقة جلود الشهداء والإتجار بأعضائهم. إنهم مافيا تحاول التجمّع في "دولة" ليس أكثر.
أما اليوم، فها نحن انتصرنا قبل حسم المعركة. نعم هو النصر بعيداً عن التحاليل الاستراتيجة والخطابات التي ما تزال تشرح وتعيد للشعوب وجوب الدفاع عن الحق. ما يجب ان يعرفه العالم أن الضيق يربي الفطرة، والقسام اليوم هو الطفل الذي بدأ معركة وعيه مبكراً بحمل الحجر والسكين والكارلو المجيد وصولاً الى صاروخ عياش 250. وان كنا نعزي أنفسنا في كل حرب تنهال علينا بأنها الأقسى والأخيرة وأن الخيانات لا تنفك تتهافت علينا، فإنها ومع ذلك لن تلجم آمالنا في النصر، فالضيق يربي الفطرة، والصبر يربي النصر.
Related Posts
كاتب مسرحي لبناني