Ar Last Edition
Ar Last Edition

Download Our App

إنه يجبُ التنبيه، بسبب حساسيةِ الطرح، وغمرة الحَدَث، وقُدسِية القضية المطروحة للنقاش، إلى أنَّما كتبتُه، يندرج في إطار التحليل النقدي، الذي أزعمأنه يقصد البناء لا الهدم، وهو ما استلزم مني جهداً مُضنياً، كي أكمله بأمانة وطنية، ومحاولات شاقة، كي يكون متسقاً ما أمكن؛ إلا أنه، قد يبدو قاسياً، أو مستفزاً للبعض، بل مرفوضاً؛ أو يبدو سليماً

وليد النمر

هكذا تحدَّث السنوار، وهكذا سأتحدث...!!

(1)

 ***

 

في البادئة:

إنه يجبُ التنبيه، بسبب حساسيةِ الطرح، وغمرة الحَدَث، وقُدسِية القضية المطروحة للنقاش، إلى أنَّما كتبتُه، يندرج في إطار التحليل النقدي، الذي أزعمأنه يقصد البناء لا الهدم، وهو ما استلزم مني جهداً مُضنياً، كي أكمله بأمانة وطنية، ومحاولات شاقة، كي يكون متسقاً ما أمكن؛ إلا أنه، قد يبدو قاسياً، أو مستفزاً للبعض، بل مرفوضاً؛ أو يبدو سليماً، يوافق قناعات بعض آخر؛ أو حتى صادماً لبعض ثالث؛ وقد تعتبره فئة ما، أنه لا قيمة له بتاتاً ولا يستحق القراءة؛ ولكن هنا، لا بد لي، من توضيح أنّ قصدي مما أقول، خالصٌ لوجه فلسطين؛ فلست مرتهناً لجهة مخابرات، ولا مرتبطاً بفصيل أو حزب، ولا أرتزق بكلماتي، ولا أحمل حقداً بين أضلاعي سوى الحقد الوطني تجاه العدو الصهيوني، والطبقي تجاه أعداء الفقراء والمظلومين والمسحوقين في الداخل والخارج.

ولأنني، كما قصَد النوّاب، لا فقط كما لفَظ: "أنتمي للفدائي، لرأس الحسين، وللقرمطية كلُّ انتمائي"، ولأنها فلسطين، ولأنها معركة مُشَرفة ومُكلِفة، تلك التي زلزلت كيان العدو بالأمس القريب، فسأختم بادئة الحديث بأنني، إن كنت قد أخطأت، فعذري أنني أخلصتُ النية، ولم أهدف لخيانة القضية.

 

في التوطئة:

حيثُ إنه لكل مقام مقال، ومقامُ المعركة المجيدة التي دارت رحاها في فلسطين في أيار 2021 هو مقام عظيم، فقد أصغيت، في البداية، بِانتباه ممزوج بالترقب والابتهاج، لمقال القائد "يحيى السنوار"، رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة، في حديثه بالمؤتمر الصحفي عن مقام المعركة، حيث كان، كما نفترض، ينطق بلسان جامعٍ لمواقف فصائل المقاومة المسلحة الباسلة، وبلسان القيادة السياسية لحماس، على وجه الخصوص، وذلك بحسب موقعه في القيادتين؛ وبصراحة، أعدتُ حضورَه أكثر من مرة، بتركيز كان يفوق مثيلَه الذي يسبقه، وأخضعتُ تصريحاته، بـ"مسؤولية وطنية"، لتشريحٍ موضوعي ودقيق، يتناسب والمرحلة التاريخية التي عشناها في ظلال معركة "سيف القدس"، أو "بندقية فلسطين" كما أفضّل تسميتَها، ويحترم محورية القضية الفلسطينية وأبعادَها وتاريخَها؛ وبدون أي تشكيك في حجم ونوعية نتائج المعركة، لا زيادةً ولا نقصاناً حسبما رصدتُها، وأوضحته في كتابات سابقة، وبكامل اعتزازي وتقديري وفخري، بما ولما قدّمته سواعدُ المقاومين النظيفة، وجادت به الدماء الزكيّة، وحتى نَنفُذَ مباشرة إلى مضمون الخطاب، الذي أراد له السنوار أن يكون خطاب انتصار فوق العادة، ربما ليرفع من معنوِياتنا، نحن العِطاش، ردحاً من الزمان، للشعور بالكرامة، وليُذِلَّ أعداءَنا المتغطرسين؛ فإنني، توقفت مَلِيّا، في حديثه، عند نقاط، لا تستقيم مع الحالة الثورية المبدئية التي نحن بصددها، لأنها تحمل دلالات كامنة، وتستفز تساؤلات مشروعة، في أي عقل هادئ يسعى نحو الاتزان، غير مأسور بالعاطفة الجمعية؛ وذلك استشرافاً لمرحلة تاريخية جديدة على صعيد الصراع، نقترب منها، أو نبتعد عنها، بقدر ما نُمسِك بزمام الاتزان الواعي، وانخراطاً نظرياً، لا في هذه المعركة فحسب، بل في الحرب التاريخية للطبقة، والشعب، والأمة.

لأنه، وسواء كانت مقاربتنا للعقل، ماركسية، بحيث تَحكُمُ الإنسانَ قوانين علمية، لا يمكن رصدُها إلا بابتداء عصر الصراع الطبقي، أي بابتداء حركة التاريخ الإنساني، فيكون العقل إذ ذاك، ذا وظيفة واحدة، تنشأ من مادة داخلية فيه، متحركة على الدوام، ومحكومة بقوانين الفيزياء والكيمياء، هي وعي ذاتِه من خلال وعيه لموضوعِه، كجزء من حركة التاريخ؛ أم قُمنا بتجزئة العقل ميكانيكيا، بمقاربة التحليل النفسي، إلى عقل شعوري واعِ، وآخر لا شعوري، مستبطِن، لا يدركه الإنسان بِحِسِّه المباشر، وإنما بميوله غير المفسرة، عقل غير واع؛ فإنه، في كلتا المقاربتين، قد يؤدي التفاعل العاطفي، في سياق قضية تاريخية، مع حزب سياسي ما، من خلال العمل المباشر معه أو كجمهور له، تحت سطوة العاطفة الجمعية، إلى مساواة الحزب بالعقل، وإذ ذاك، سيكون الاختلافُ مع الحزب، اختلافا مع العقل، وخطيئةُ الحزب، خطيئةً للعقل، وهزيمةُ الحزب، هزيمةً لتوازن العقل.

يتبع...

 

باحث فلسطيني