Ar Last Edition
Ar Last Edition

Download Our App

عملياً كان من المفترض أن يؤدي الانفجار، وما سببه من توتر أمني، إلى طلب على الدولار وارتفاع سعر صرفه. لكن ما جرى أن انتظار الجهات الرسمية المعنية بإعادة الإعمار المساعدات التي وُعدت فيها الحكومة اللبنانية من الخارج، خفضت من نسبة الطلب على الدولار

محمد شمس الدين

ملاحظات اقتصادية حول انفجار بيروت

"

بعد مرور قرابة 35 يوم على انفحار المرفأ أصبحت الخسائر شبه محددة ومعروفة ويمكن توزيعها على ثلاثة قطاعات:

1- القطاع الأول: الخسارة البشرية

وصلت الخسائر البشرية إلى 178 شهيد و8 مفقودين، وأكثر من 6000 جريح، منهم ما يقارب الـ100 لا زالوا في المستشفيات ويعانون من  إعاقات بالغة، وهذه هي الخسارة الأكبر.

2- القطاع الثاني: خسائر المرفأ

حسارات المرفأ ليست بالشكل الذي يحكى عنه، حيث أن 80% من حركة المرفأ تتم عبر محطة الحاويات التي عادت للعمل بعد 4 أيام من الانفجار، وهي تعمل حالياً بشكل طبيعي.

أما الأضرار التي لحقت بالمرفأ، فهي في العنابر وبعض المستوعبات التي دُمر ما فيها، وقدرت الخسائر بـ600 مليون دولار، وكان يمكن لهذا الرقم أن يكون أكبر لولا أن الأزمة الاقتصادية التي يمر فيها لبنان خفضت من نسبة الاستيراد بشكل كبير. أما أضرار العنابر فقد قدرت بحوالي 350 مليون دولار، منها إهراءات القمح، والتي يقال بأن دولة الإمارات ستعيد بناءها.

3- القطاع الثالث: الخسائر بالمكاتب والمنازل

في الدائرة القريبة من المرفأ (الجميزة، ومارمخايل، والأشرفية، ووسط بيروت) دُمر فيها أكثر من 15 ألف وحدة سكنية وحوالي 2000 سيارة، وعدد من البيوت الأثرية التي لا تقدر بثمن، قدرت الخسائر بمليارين إلى مليارين ونصف مليار دولار.

أما في الدائرة البعيدة، فبلغت الأضرار حدود الـ200 مليون دولار. وبذلك تكون حوالي 4.5 مليار دولار، قيمة خسائر المرفأ والمساكن المحيطة به.

الانفجار والدولار:

عملياً كان من المفترض أن يؤدي الانفجار، وما سببه من توتر أمني، إلى طلب على الدولار وارتفاع سعر صرفه. لكن ما جرى أن انتظار الجهات الرسمية المعنية بإعادة الإعمار المساعدات التي وُعدت فيها الحكومة اللبنانية من الخارج، خفضت من نسبة الطلب على الدولار. إلا أنه يجدر بنا التنبه، فإذا لم تصل المساعدات، فنحن بحاجة إلى 3 أو 3.5 مليار دولار لإعادة الإعمار، وهذا سيؤدي إلى رفع سعر صرف الدولار بالتأكيد.

الأزمة الحالية وحلولها:

أما في الأزمة الحالية التي يعيشها لبنان، لاسيما في ما خص بارتفاع سعر صرف الدولار وحجز ودائع اللبنانيين، فهناك بعض الحلول القانونية والإدارية التي يمكن اللجوء لها للحد من الأمر، فقانون الرقابة على السحوبات مثلا، كان يجب أن يصدر منذ 17 تشرين الأول الماضي، وكذلك قانون قطع الودائع أو الأموال من الذين استفادوا من فوائد كبيرة كان يجب أن يصدر كذلك. إلا أنه وللأسف، يبدو أننا تأخرنا اليوم، وبات علينا اللجوء إلى خيارات أخرى يمكن أن يقدم عليها حاكم مصرف لبنان كأن يتم تسييل ربع الذهب اللبناني، أو الطلب من المصارف عدم دفع أي أموال بالليرة اللبنانية وتثبيت حد أدنى من العملات الأجنبية. وبالتالي، أن نمسك السيولة بالليرة ونطلق ما توفر لدينا من دولارات.

نحن بدأنا اليوم الدخول في الانهيار وعلينا اختيار حكومة اختصاصيين تحظى بإجماع وطني بشكل عاجل، على أن تكون ذات خبرة علمية وعملية في آن، وتحظى بإجماع وطني ما يمكّنها من العمل والابتعاد قدر الإمكان عن الانقسامات السياسية التي تولد بدورها انقسامات طائفية تؤثر على الاقتصاد.

نحن نسمع التحذيرات الدولية ولكنها تؤكد ما نعرفه. إن الإنهيار الذي يحدثوننا عنه، هو ما نعيشه في لبنان ونراه على شكل انهيار على كافة الصعد؛ في المجال الطبي، والتعليمي، والقطاعات الصحية، وارتفاع نسب البطالة التي قد تصل إلى أكثر من 65%، ونسب فقر تتجاوز 55% من مجمل اليد العاملة للشعب اللبناني، علماً أن ربع هؤلاء يعيشون في فقر مدقع. والمدخل لحل كل هذه المشاكل هو تشكيل حكومة اختصاصيين تحظى بإحماع وطني وليس حكومة وحدة وطنية لأن مجرد ذكر حكومة وحدة وطنية يثير المخاوف من الانقسامات الداخلية فيها ويعيدنا لمنطق المحاصصة الذي أثبت فشله، خاصة أن تجاربنا مع حكومات الوحدة الوطنية على مدى الـ30 عاماً لم تكن ناجحة.

"

كاتب وباحث في الدولية للمعلومات