Ar Last Edition
Ar Last Edition

Download Our App

لم يكن الجنود الأمريكيون أكثر حظاً من السجناء أو المواطنين السود. عام 1975 خاض الجندي الأمريكي جيم ستنالي معركة امتدت لسنوات في القضاء ضد الجيش الأميركي الذي قام بإجراء التجارب عليه وحقنه بمواد مهلوسة دون علمه.

زهرة نصرالله

طب أميركا الأسود

"

أثار تصريح رئيس وحدة العناية المركزة في مستشفى كوشين في باريس جان بول ميرا، منذ مدة، الكثير من الجدل حين اقترح في مقابلة متلفزة إجراء تجارب على لقاح محتمل لكوفيد-19 في أفريقيا، بالطريقة التي أجريت بها بعض الدراسات المتعلقة بـ"الإيدز أو البغايا؟".

أثارت التعليقات غضباً على وسائل التواصل الاجتماعي. وكتب نجم كرة القدم الإيفواري المعتزل، ديدييه دروغبا، على تويتر: "أفريقيا ليست معمل تجارب. أود أن أندد بتلك الكلمات المهينة والخاطئة وفوق كل ذلك تنضح بالعنصرية".

ورغم أن التاريخ يحفل بتجارب أقامتها العديد من الدول على الفئات المستضعفة، كالسجناء والنساء(في الماضي) والأطفال، والفقراء، وذووي البشرة السوداء، تحت إسم العلم، إلا أننا سنتطرق اليوم فقط، لبعض التجارب التي أجرتها، حاملة راية الحريات في العالم، الولايات المتحدة الأمريكية على المواطنين ذووي البشرة السوداء:

- عمليات جراحية من دون تخدير وثقب الجماجم

حتى مدة ليست ببعيدة كان الاعتقاد السائد أن ذووي البشرة السوداء يشعرون بالألم أقل من ذووي البشرة البيضاء، لذا درج خلال القرن التاسع عشر إجراء العمليات الجراحية والتجارب على السود من دون تخدير على الرغم من اكتشاف المخدر في تلك الحقبة. ومن أبرز التجارب الجراحية التي دونت، كانت تجارب الدكتور جيمس ماريون سيمزلم تقتصر عنصرية تجارب سيمز على ذلك فحسب، هو قام بثقب عظام جمجمة الأطفال المولودين من النساء المستعبدات بواسطة مثقاب مدبب لتقليص حجم الجمجمة لاعتقاده  أن أحد أسباب كزاز المواليد يكمن في حركة عظام جمجمة الجنين أثناء الولادة المتعسرة، مما أدى الى وفاة جميع الأطفال الذين جرب بهم هذه التقنية. كما عمد، استكمالاً لأبحاثه، على حفظ وتشريح جثث الأجنة المتوفاة.- صب الماء المغليعام 1846، صب الطبيب والتر جونز، على ظهور "العبيد" العراة المصابين بالإلتهاب الرؤي الماء المغلي لأربع ساعات. لم يذكر جونز ما الذي أوحى له باستعمال هذه الطريقة، إلا أنه ذكر ما كان يعتقده من أن ذلك قد يشفيهم من المرض عبر تحفيز الشعيرات الدموية.عام 1932، بدأت خدمة الصحة العامة الأمريكية، بالتعاون مع معهد توسكيجي، دراسة لتسجيل التطور الطبيعي لمرض الزهري غير المعالج في الرجال السود في ريف ولاية ألاباما، تحت مسمى: "دراسة توسكيجي لمرض الزهري غير المعالج في الذكر الزنجي" حسب تعبيرهم.

شملت الدراسة في البداية 600 رجل أسود - 399 مصابين بمرض الزهري، 201 منهم لم يكن يحمل المرض. أجريت الدراسة دون موافقة المرضى. أخبر الباحثون الرجالَ أنهم يعالجون من "دم سيئ"، وهو مصطلح محلي يستخدم لوصف العديد من الأمراض، بما في ذلك مرض الزهري، وفقر الدم، والتعب. حصل الرجال على فحوصات طبية مجانية وتأمين دفن مقابل مشاركتهم في الدراسة. على الرغم من توقعها في الأصل أن تستمر 6 أشهر، استمرت الدراسة لمدة 40 عاماً.

عام 1947، أعتمد البنسلين كعلاج للزّهري. كان أمام الأطبّاء المشاركين في دراسة توسكيجي آنذاك معالجة كل المشاركين المصابين بالزّهري قبل إيقاف الدراسة، أو علاج مجموعة منهم بالبنسلين كعينة. لكن الأطباء، عوضاً عن ذلك، تابعوا الدراسة دون معالجة أي مشارك، حاجبين المعلومات حول البينيسلين، والعلاج به، عن جميع المرضى. إضافةً إلى ذلك، منع العلماء المشاركين أهالي تلك المنطقة من مقاطعة ماكون، من الوصول لبرامج علاج الزّهري المتاحة. في وقت كانت الحكومة الأمريكية ترعى عدة برامج صحية لتشكيل "مراكز العلاج السريع" للقضاء على المرض باعتماد البنسلين. لم يلقَ الرجال حتفهم فحسب، بل ومعهم 40 زوجة و19 طفلاً ولدوا حاملين للزهري الخلقي. بحلول نهاية الدراسة عام 1972، لم يكن هناك سوى 74 مشارك منهم على قيد الحياة. أقام الرئيس الأميركي عام 1997 حفلًا في البيت الأبيض على شرف ضحايا الدراسة حضره 5 ناجين منها. قال كلينتون آنذاك:

"لا يمكن التراجع عما حدث، ولكن يمكننا أن نكسر حاجز الصمت، ويمكننا التوقف عن تجاهل المشكلة. ويمكنني أن أتحدث نيابة عن الشعب الأميركي وأقول أن ما نجم عن الحكومة الأمريكية أمر مخزٍ، وأعتذر لمواطنيننا الأمريكيين السود. حكومتنا الفدرالية دبرت دراسة بشكل عنصري واضح".

الجدير بالذكر، أنه وخلال التحقيق حول تجربة توسكيجي، اكتشفت الأستاذة سوزان موكوتو فريفيربي من كلية ويلسلي تجربة أخرى على البشر بقيادة الولايات المتحدة، لكن هذه المرة في دولة غواتيمالا في أميركا الجنوبية، أجراها الطبيب المشارك في تجربة توسكيجي، جون كاتلر، بين عامي 1946 و1948 حول مرض الزهري أيضاً. تم خلالها تطعيم 696 شخصاً (منم أطباء وجنود وسجناء ومرضى نفسيين) بالزهري وغيره من الأمراض المنقولة جنسياً دون موافقتهم. أسفرت التجربة عن وقوع 83 حالة وفاة على الأقل. بعد انكشاف التجربة قدم كل من الرئيس الأميركي، باراك أوباما، ووزيري الخارجية والصحة في عهده اعتذارهم في الأول من تشرين الأول/أوكتوبر سنة 2010.- تجربة سينغر

بين منتصف الأربعينيات ومنتصف السبعينيات، أجريت أكثر من 4000 تجربة إشعاعية على عشرات الآلاف من الأمريكيين، بعد أن قامت وكالة الدفاع الأميركية بتمويل دراسات أجراها الدكتور يوجين سينغر، بين عامي 1960 و1971. قام سينغر بتجارب إشعاعية كاملة في جامعة سينسيناتي على أكثر من 90 فقير وأسود في مراحلهم المتأخرة من سرطانات وأورام لا شفاء منها. وقام بتزوير استمارات الموافقة، ولم يُبلِّغهم بمخاطر الإشعاع. عمل سينغر على إعطاء المرضى أكثر من 100 راد (1 غراي) من الإشعاع على الجسم كله، ما تسبب لكثير منهم بالألم الشديد والقيء. توفي ربع عدد المشاركين تقريباً بسبب التسمم الاشعاعي. شكك النقاد بمبرراته الطبية وأكدوا أن غرضه الرئيس كان دراسة التأثيرات الحادة الناجمة عن التعرض للإشعاع، رغم تأكيده على غاياته الطبية في البحث عن علاج.

بعد انتهاء التجربة بـ7 سنوات، شارك سينغر في تأسيس جمعية اتخاذ القرار الطبي عام 1978، وعمل كأول رئيس لها. كما حصل على أعلى مرتبة شرف من جمعية الأشعة في أمريكا الشمالية وجمعية الطب النووي. بعد كارثة تشيرنوبيل النووية في الاتحاد السوفياتي عام 1986، كان سينغر أحد الخبراء الدوليين الذين تم استدعاؤهم لتقييم المخاطر.الملفت أن كل هذه الجرائم ارتكبت، تحت إسم العلم، وبحجة مكاسب طبية تفيد البشرية ككل، في الوقت الذي ارتبطت هذه الأنشطة على الدوام بالمؤسسة  العسكرية الأمريكية. في الخامس عشر من كانون الثاني/ يناير عام 1994، شكل الرئيس بيل كلينتون اللجنة الاستشارية لتجارب الإشعاع على البشر (ACHRE). في أولى تقاريرهالم تسلم الفئات الأخرى من الشعب أيضا من تجارب الجيش الأمريكي، فمن عام 1950 وحتى عام 1953، قام الجيش برش المواد الكيميائية (كبريتيد الكادميوم والزنك)، التي لم يُعتقد أنها ضارة على أكثر من ست مدن في الولايات المتحدة وكندا، من أجل اختبار أنماط تشتت الأسلحة الكيميائية. ذُكر في التقارير أن "استعمال آلات رش مناسبة لنشر الجراثيم التي يبلغ حجمها أقل من 1 ميكرون بإمكانه تغطية آلاف الأميال المربعة في وقت واحد". لكن حالات الإصابات لم يتم تتبعها وتسجيلها.وإن كانت البحوث الطبية على البشر مقبولة في القرن الماضي، فلما السكوت عن الجرائم التي وقعت ما بعد إعلان هلسنكي (1964)، وما بعد تأسيس مكتب حماية الموضوعات البحثية التابع لمعاهد الصحة الوطنية (1966)، وتضمين وزارة الصحة والتعليم والرعاية للتوصيات التي وضتعتها المعاهد الوطنية للصحة عام 1966.

في الحقيقة، يحفل القرن الواحد والعشرين بجرائم وتجارب للجيش الامريكي على المعتقلين. فوفقاً لتقرير أطباء من أجل حقوق الإنسان، عام 2010، فإن "بحوثاً وتجارب طبية على المعتقلين كانت قد استُخدمت لقياس تأثير عمليات محاكاة الغرق وضبط طريقة إجرائها وفقًا للنتائج". نتيجة لهذه التجارب، اقترح الأطباء إضافة محلول ملحي إلى المياه "لمنع وضع المحتجزين في غيبوبة أو قتلهم من خلال الإفراط في تناول كميات كبيرة من الماء العادي". كما تم إجراء اختبارات الحرمان من النوم على أكثر من عشرة سجناء. رغم ذلك لم تحقق الحكومة الأمريكية في أي من تلك التقارير على الاطلاق. ونفت وكالة الاستخبارات المركزية عام 2010 إجراءها أي تجارب واصفة التقرير بالخاطئ.لم يكن الجنود الأمريكيون أكثر حظاً من السجناء أو المواطنين السود. عام 1975 خاض الجندي الأمريكي جيم ستنالي معركة امتدت لسنوات في القضاء ضد الجيش الأميركي الذي قام بإجراء التجارب عليه وحقنه بمواد مهلوسة دون علمه. هو اكتشف ذلك فقط لأن الكونغرس كشف عن هذه الاختبارات وأمر الجيش بتقديم فحوصات متابعة طبية لستانلي والمشاركين الآخرين الجاهلين بتلك التجارب عليهم. لم يصل ستانلي إلى أي نتيجة، وخلص إلى أن للجندي حقوقاً قانونية أقل من السجين، وأن الجيش يمكنه أن يفعل أي شيء يريده لرجاله ونسائه دون تحمل المسؤولية القانونية.

لا يزال موضوع حقوق الجنود القانونية إلى اليوم محل جدل ونقاش كبيرين.Luna Gay-Padoan 03 AVR 2020 Mise à jour 27.05.2020 à 16:30

Sarah Spettel and Mark Donald White, "The Portrayal of J. Marion Sims' Controversial Surgical Legacy", the journal of urology, american urological association education and research. vol. 185, 2424-242 .2011.

Sims, J. Marion. The story of my life. New York, D. Appleton and company. The Library of Congress. 1884. P 227-228-229 ألفت عناية القارئ إلى أن ذكر الأسماء الأولية فقط إنما يعود لسيمز نفسه الذي قصر ذكر أسمائهم بهذا النحو.

Harriet A. WashingtonMedical Apartheid: The Dark History of Medical Experimentation on Black Americans from Colonial Times to the Present, (2008), p 62-63.

P.R. Lockhart . Apr 18, 2018.

p. 60–63.

P.R. Lockhart . Apr 18, 2018.

"Tuskegee Study - Timeline". June 25, 2008.

Stephen Smith. "Wellesley professor unearths a horror: Syphilis experiments in Guatemala"The Boston Globe.  2 October 2010

https://bit.ly/2ULp9Sl

"Eugene Saenger, 90; physician conducted pivotal studies on effects of radiation exposure", Los Angeles Times, October 6, 2007.

https://bit.ly/30M74HB

https://bit.ly/2YJ34F0

America's nuclear legacy. Nova Publishers.(1998).p99-100

Plague wars: a true story of biological warfare. Macmillan, (2000), P 37.

"Did the CIA Conduct Medical Experiments on Detainees?". Counter punch (June 23, 2010).

https://bit.ly/37ziLCJ

"

كاتبة لبنانية