في عام 2010 قدّرت' هيئة المسح الجيولوجي '"الأميركية مخزون الغاز في منطقة شرق البحر المتوسط بحوالي 345 تريليون قدم مكعب. وتشمل هذه الاحتياطيات 223 تريليون قدم مكعب من الغاز في حوض دلتا النيل، إضافة إلى 6 مليار برميل من الغازات السائلة، و1.8 مليار برميل من النفط. كما يحتوي الحوض الكبير على 122 تريليون قدم مكعب من الغاز في المنطقة الواقعة قبالة شواطئ قبرص ولبنان وسوريا."
صراع الغاز في المتوسط
في عام 2010 قدّرت" هيئة المسح الجيولوجي "الأميركية مخزون الغاز في منطقة شرق البحر المتوسط بحوالي 345 تريليون قدم مكعب. وتشمل هذه الاحتياطيات 223 تريليون قدم مكعب من الغاز في حوض دلتا النيل، إضافة إلى 6 مليار برميل من الغازات السائلة، و1.8 مليار برميل من النفط. كما يحتوي الحوض الكبير على 122 تريليون قدم مكعب من الغاز في المنطقة الواقعة قبالة شواطئ قبرص ولبنان وسوريا، يضاف إليها حوالي 36 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي في مناطق بالقرب من سواحل فلسطين المحتلة.
توزع احتياطات الغاز الطبيعي في منطقة شرق المتوسط
- فلسطين المحتلة
عام 2009 تم اكتشاف حقل "تمار" قبالة ساحل حيفا وقدرت احتياطاته بـ10 تريليونات قدم مكعب من الغاز.
عام 2010 تم اكتشاف حقل "ليفيثان" وقدّرت احتياطاته بحوالي 18 تريليون قدم مكعب، ما جعله حينها الحقل الأكبر في شرقي المتوسّط.
في عام 2012 تم اكتشاف حقل "تانين" شمال فلسطين المحتلة. بلغت تقديرات احتياطاته 1.2 تريليون قدم مكعب.
- قبرص
عام 2011 أعلنت شركة "نوبل إنيرجي" الأميركية، اكتشاف حقل "أفروديت" حيث يحوي 4.5 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
عام 2018 أعلنت شركة "آيني" الإيطالية اكتشاف حقل "كاليبسو"، باحتياطي يقدّر من 6 تريليونات إلى 8 تريليونات قدم مكعب من الغاز.
عام 2019 أعلنت"قطر للبترول "وشريكتها" إكسون موبيل "الأميركية عن اكتشاف حقل "Glaucus1"، والذي قدّر حجم الاحتياطي فيه بين 5 و8 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
- مصر
عام 2015 اكتشفت شركة "أيني" الإيطالية حقل "ظهر"، وتقدّر احتياطاته بحوالي 30 تريليون قدم مكعب. وحقل "نورس" وقدرت احتياطات الأخير بـ 2 تريليون قدم مكعب.
عام 2015 اكتشفت "بريتش بروليوم" البريطانية حقل "آتول" شمال منطقة دمياط، وتقدّر احتياطاته بـ1.5 تريليون قدم مكعب.
يوجد في منطقة شمال الإسكندرية 5 حقول هي "تورس وليبرا وفيوم وجيزة وريفن" ويبلغ الاحتياطي المؤكد فيها 5 تريليونات قدم مكعب.
- لبنان
تم تقسيم المياه الإقليمية اللبنانية وفق المسح الجيولوجي إلى 10 بلوكات، طرحت 5 منها أمام الشركات العالمية للتنقيب. تقدّر الاحتياطات من الغاز الطبيعي في السواحل اللبنانية حوالي 30 تريليون قدم مكعب، تمتلك المنطقة البحرية الجنوبية منها ما يقارب 12 تريليون قدم مكعب.
ويتركز الخلاف اللبناني - الإسرائيلي على البلوكات 8 و9 و10،حيث تزعم "إسرائيل" أن البلوك 8 يقع داخل "حدودها". ومن ضمن الاتفاقية التي وقعتها "إسرائيل" مع قبرص في كانون الأول/ديسمبر عام 2011 فإن تل أبيب قضمت مساحة مائية تقدر بـ860 كيلومتراً مربعاً من المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية.
عام 2012 اقترح الموفد الأميركي فريد ريك هوف، على لبنان إعطاءه 360 كيلومتراً مربعا من المياه اللبنانية لـ"إسرائيل" من أصل 860 هي مجموع مساحة الحقل النفطي رقم 9، إلا أن لبنان رفض هذا المقترح مؤكداً بأن المنطقة بكاملها تقع ضمن المياه الإقليمية اللبنانية.
- سوريا
أبرمت حكومة السورية عام 2013 عقد "عمريت" البحري مع شركة "سويوز نفت غاز إيست ميد" الروسية، من أجل التنقيب في الحدود البحرية.
عام 2019 توقع وزير النفط والثروة المعدنية، بدء إنتاج الغاز في العام 2023. في تقدير بلغ حوالي 45 تريليون قدم مكعب.
- تركيا واليونان
أعلنت تركيا في أكثر من مناسبة رفضها للاتفاقيات التي أبرمتها قبرص مع مصر و"إسرائيل" ولبنان حول ترسيم الحدود البحرية وتقاسم المناطق الاقتصادية الخاصة، حيث تعتبر تلك الاتفاقيات مساً بالمصالح الاقتصادية التركية. وترى تركيا أن المنطقة الاقتصادية التي حددتها قبرص اليونانية تتداخل مع "الجرف القاري" الخاص بها ومع المنطقة الاقتصادية التابعة لها رغم عدم إعلانها رسمياً عن منطقتها الاقتصادية (تركيا ليست عضواً في معاهدة الأمم المتحدة لـ"قانون البحار").
بدأت تركيا التنقيب عن الغاز قبالة سواحل قبرص التركية (شمال قبرص) أواخر العام 2018، معتبرةً أنها "تعمل في مياه داخل جرفها القاري "أو في" مناطق للقبارصة الأتراك حقوق فيها"، الأمر الذي نتج عنه ردود فعلٍ علنية من قبل مصر واليونان وقبرص اليونانية رافقها مناورات عسكرية في المنطقة هددت بنشوب نزاعٍ مسلح
وقد وصل التوتر جرّاء الخطوات التركية في شرق المتوسط إلى حد اتفاق وزراء خارجية الاتحاد الأوربي تشرين الأول/أكتوبر على وضع قائمة بعقوبات اقتصادية على أنشطة تركيا للتنقيب عن النفط والغاز قبالة قبرص. وسبق ذلك، توجيه وزارة الخارجية الأميركية تحذيراً لأنقرة من القيام بنشاط حفر "غير قانوني" و"غير مقبول"، معتبرةً أن هناك "قواعد للتنقيب عن موارد الطاقة في البحر المتوسط".
وبالتوازي مع عمليات التنقيب، قامت تركيا في 27 تشرين الثاني الماضي بتوقيع اتفاقية لترسم الحدود البحرية بينها وبين حكومة طرابلس الغرب الليبية التي يرأسها فائز السراج. وينص التفاهم الموقع على تحديد مناطق النفوذ البحرية لليبيا وتركيا إضافة إلى التعاون العسكري والأمني بينهما. وقد ذكرت وسائل إعلام تركية أن أنقرة نجحت في كسر الطوق البحري الذي سعى لعزلها، والمكون من "إسرائيل" ومصر واليونان والشطر اليوناني من قبرص، ووضعت "جداراً يفصل بين اليونان وقبرص"، وتمكنت من "إحباط الخطة الرامية إلى حبس تركيا في نطاق ضيق لا تتعدى مساحته 41 ألف كم مربع في البحر الأبيض المتوسط".
وبينما اعتبرت مصر أن الاتفاق بين أنقرة وطرابلس الغرب "غير شرعي"، رأت اليونان أنه "منافٍ للعقل"، وعمدت إلى طرد السفير الليبي من البلاد كرد على مذكرة التفاهم التي أبرمتها حكومته مع أنقرة، وذلك بعدما رفض السفير إرسال نسخة من نص المذكرة إلى الحكومة اليونانية.
ويذكر في هذا السياق، أن الخطوة التركية باتجاه ليبيا، جاءت رداً على تأسيس "منتدى غاز شرق المتوسط" مطلع العام 2019 في مصر، والذي اعتبرته أنقرة محاولة من بعض الدول لتقاسم ثروات الغاز بمياه شرق المتوسط، بعيداً عن تركيا وليبيا.
وبالإضافة إلى السواحل القبرصية فإن الصراع التركي- اليوناني يتوسع إلى الغرب من جزيرة قبرص وتحديداً جزر بحر إيجة المتنازع عليها بين البلدين، وجنوب جزيرة تكريت التي تقدّر المسوح الجيولوجية،احتياطيات الغاز فيهما إلى جانب البحر الأيوني بـ 123.6 تريليون قدم مكعب.
- خلاصة:
تُظهر خريطة توزع احتياطات الغاز الطبيعي في شرق البحر المتوسط، وما ينتج عنها من تحالفات وصراعات، أن المنطقة ترزح على صفيحٍ ساخنٍ من التوترات الجيوسياسية التي تدفع دولها إلى رفع سقف تحدياتها، للمستوى الذي تبقي نفوذها ضمن دائرته الأوسع.
وفي الوقت الذي لا تزال فيه تلك التوترات بعيدةً عن الاحتكاك العسكري المباشر، فإن دولاً مثل الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، تلعب على التناقضات حيث تسعى موسكو إلى الحفاظ على مصالحها في شرق المتوسط من خلال شركاتها العاملة هناك، واتفاقياتها مع بعض دول المنطقة بما يخص الغاز، مع ضمان عدم تأثير ذلك على امدادات الغاز الخاصة بها باتجاه أوروبا. هذا وتبقي واشنطن على علاقاتها مع كافة الأطراف، واضعةً في سلّم أولوياتها المصلحة الإسرائيلية كونها تعبّر عن مصالح أمنها الاستراتيجي في المنطقة.
وعلى هذا النحو، يبقى السؤال، استناداً إلى المعطيات المذكورة آنفاً، هل سيغيّر غاز حوض المتوسط التحالفات في المنطقة؟ وإلى أي حد ستستطيع تركيا واليونان ومصر ومعهم قبرص بقسميها، إيجاد حلولٍ لا تضرّ بمصالح أي طرف؟ وما هي الخيارات المتوفرة أمام سوريا ولبنان مع عدم إمكانية الدخول في تحالفٍ تتصدّر أطرافه "إسرائيل"، وعدم إمكانية الذهاب باتجاه تركيا، أقله في الوقت الحالي لاعتبارات سياسية وأمنية؟.
"Related Posts
كاتب لبناني