Ar Last Edition
Ar Last Edition

Download Our App

تعود أولى خطوات التقارب بين الإمارات و'إسرائيل'" إلى عام 2004، تاريخ تأسيس بورصة دبي للماس، وبعد أن تم قبول عضوية دبي في الاتحاد العالمي لبورصات الماس في نفس العام، بعد موافقة الدول الـ22 الأعضاء آنذاك، ودون معارضة تذكر من '"إسرائيل'"."

هيئة التحرير

التطبيع مرصعاً بالماس والدم

"

تعود أولى خطوات التقارب بين الإمارات و"إسرائيل" إلى عام 2004، تاريخ تأسيس بورصة دبي للماس، وبعد أن تم قبول عضوية دبي في الاتحاد العالمي لبورصات الماس في نفس العام، بعد موافقة الدول الـ22 الأعضاء آنذاك، ودون معارضة تذكر من "إسرائيل". ولكن شرط الفوز بعضوية نادي الأثرياء العالمي كان في أن تقبل الإمارات بتسهيل حركة رجال الأعمال الإسرائيليين داخلها، وانتقال رجال الأعمال الإماراتيين لحضور معارض وأسواق المال في "إسرائيل". من بين أبرز رجال الأعمال هؤلاء كان أحمد بن سليم رئيس بورصة دبي الذي زار "إسرائيل" عدة مرات.

عرفت تلك المرحلة شراكة بين إمبراطور الماس الإسرائيلي بيني شتاينمتز، المسجون منذ عام 2016 بسبب صفقات ماس غير مشروعة في غينيا، ودرة تاج إمارة دبي، شركة "موانئ دبي". ففي عام 2006، وبينما كانت موانئ دبي تسعى للحصول على عقد لإدارة ست موانئ أميركية رئيسية، وفي ظل هجوم شديد على الصفقة في الكونغرس، بحجة أنه لا يمكن تأجير الموانئ الأميركية لشركة لا تقيم علاقات علنية مع الشركات الإسرائيلية، كان الصوت الأبرز المناصر لدبي وصفقتها قادم من تل أبيب، وتحديداً من أحد أكثر رجال الأعمال ثراء في "إسرائيل" وهو عيدان عوفر، مالك شركة "زيم" الإسرائيلية المتكاملة لخدمات الشحن، والذي كتب خطاباً إلى الكونغرس أثنى خلاله على الخدمات التي تقدمها "موانئ دبي"، مؤكداً أن شركته يُسمح لها بالعمل في جميع الموانئ التي تديرها الشركة الإماراتية على الرغم من المقاطعة الرسمية.

لم تحصل موانئ دبي على الصفقة الأميركية في نهاية الأمر، إلا أن ذلك لم يمنعها من مواصلة العمل مع عوفر لإنشاء محطة حاويات في شمالي إسبانيا، مبرهنة أن التعاون الاقتصادي بين رجال الأعمال الإسرائيليين والإماراتيين شامل ومشترك حول العالم.

أحد الأمثلة على نموذج العمل العابر للحدود كان الشراكة بين موانئ دبي ومجموعة "إلعاد" الإسرائيلية المُسجلة في لندن، والمملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي إسحاق تشوفا. فقد عملت موانئ دبي مع مجموعة إلعاد على لإقامة مشروع ضخم في سنغافورة تحت اسم "الشاطئ الجنوبي" (South Beach)، باستثمارات تصل إلى 2.1 مليار دولار عام 2007.

بعد ذلك العام، توسعت أنشطة الشركات الإسرائيلية في الإمارات لتشمل كافة المجالات، ولتضم جميع فئات الشركات. فعلى سبيل المثال، وقع رجل الأعمال الإسرائيلي يوسي شيمر عام 2007، عقداً تقوم بموجبه شركته بإنشاء مزرعة للجمال ومحلب في دبي. ويقع المقر الرئيس لشركة "شيمر" في مستعمرة أفيفيم، بينما تم توقيع العقد الإماراتي من خلال وكيل إنجليزي للشركة الإسرائيلية.

وفي عام 2008 قامت مجموعة "شتاينمتز" لصاحبها إمبراطور الماس الإسرائيلي "بيني شتاينمتز" بتوقيع عقد مع موانئ دبي العالمية لإنشاء عدد من الفنادق والمشروعات العقارية في جمهورية الجبل الأسود.

 

مستوطنات "إعمار"

قبل عدة أعوام، وتحديداً عام 2005، ومع تنفيذ خطة الانسحاب أحادي الجانب الإسرائيلية من قطاع غزة، وجدت الإمارات نفسها في قلب عاصفة أثارها محمد العبار، رجل الأعمال المقرب من الطبقة الحاكمة الإماراتية، ورئيس مجلس إدارة إحدى أكبر المجموعات العقارية في البلاد، مجموعة إعمار.

فبشكل مفاجئ ظهر إلى العلن خبر زيارة العبار السرية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي التقى خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون، وشمعون بيريز. كان هذا الاتصال، هو الأرفع من نوعه لأي شخصية إماراتية مع قيادة الكيان الصهيوني حتى حينه. جرى آنذاك، الحديث عن عرض قدمه العبار لشراء 21 مستوطنة إسرائيلية، مقابل 56 مليون دولار. كان مشروع العبار هذا، بحسب ما سرب من ويكيليكس برعاية من محمد بن زايد نفسه. فقد أفصح الأخير خلال لقاء جمعه بميشيل ساسون، سفيرة الولايات المتحدة في الإمارات، عام 2005، أنه لم يكن معترضاً على خطط العبار من حيث المبدأ، إلا أنه نصح العبار أن يمهد الأمر للفلسطينيين أولاً، ولكنه -أي العبار- "لم يتعامل مع الأمر بشكل مناسب" بحسب بن زايد.

 

أسوار المراقبة الإسرائيلية على حدود الإمارات:

كان حلم طفولته أن يمسي إعلامياً. هو درس التاريخ والفلسفة وإدارة الأعمال، ومع الوقت صار إعلامياً من نوع خاص. يصفه البعض بأنه نسخة مطورة من تجار الأسلحة القدامى، ولكن بربطة عنق وشهادة مرموقة. إنه ماتي كوخافي، رجل الظل الأبرز في حكاية التعاون الأمني الإماراتي الإسرائيلي.

عاش كوخافي شبابه بعد أن قضى خدمته العسكرية في الوحدة 8200 في جيش الاحتلال، في نيويورك. وهناك راح يعمل مع مطورين عقاريين أمثال ستيفن روس ومارتن أدلمان، فصنع الرجل ثروته الأولى عبر الاستثمار في عالم العقارات. كان عام 2007 محطة فارقة في حياة الرجل. إذ اختار رجل الأعمال الإسرائيلي في ذلك العام أن يستثمر في صناعة المراقبة الإلكترونية، بعد أن أعلن عن تأسيس آسيا غلوبال تكنولوجي أو (AGT) في زيورخ - سويسرا.

تعمل الشركة اليوم في القارات الخمس، مع إجمالي عقود تبلغ قيمتها ثمانية مليارات دولار. إلا أن أحد أكبر عقودها على الإطلاق، كان بقيمة 800 مليون دولار مع الإمارات العربية المتحدة. وقع العقد آنذاك تحت مسمى: توفير نظام مراقبة للبنى التحتية الأساسية وحقول النفط.

بين عامي 2007 و2015، قامت (AGT) بتأسيس أحد أنظمة المراقبة الأكثر تكاملاً في العالم، وهو نظام يحوي آلاف الكاميرات وأجهزة الاستشعار الممتدة على طول 620 ميلاً على الحدود الإماراتية. بينما تصب المعلومات هذه في قاعدة بيانات تسمى "ويسدوم"، وبإشراف إحدى أكبر شركاته "لوجيك إندستريز"، التي يرأس مجلس إدارتها عاموس ملكا، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية "أمان".

يعرف نظام المراقبة الشامل الذي أسسه كوخافي في الإمارات باسم "عين الصقر"، ويعتقد أنه تم تفعيله بشكل كامل منتصف العام الماضي. يمكن تعريف "عين الصقر" بأنه بنية تحتية استخباراتية شديدة الإحكام، ولا يبدو أن هدفها يقتصر على تأمين المنشآت الحيوية؛ بقدر ما يمتد إلى فرض الرقابة الصارمة والمخيفة أيضاً على جميع أشكال الاتصالات في البلاد.

لم ينس كوخافي مع هذا أحلامه بأن يكون صحفياً من قبل، وهو ما دفعه عام 2013 لتأسيس شركة صغيرة تحت اسم "فوكاتيف" يحيي بها أحلامه بطريقة تناسب وظيفته. وفوكاتيف هذه، هي نظام يجمع بين سمات كل من غرف الأخبار ومجتمع الاستخبارات.

تؤمن فوكاتيف بيانات دقيقة واستطلاعات لرأي ملايين الأفراد، بطرق مختلفة وعبر فترات طويلة. وعن طريق "فوكاتيف"، يمكن اليوم تحليل ملايين المنشورات، وقياس مدى تأثيرها. مضافاً للتحليل الطيفي لهذا لتأثير هذه المنشورات. الأخطر في نشاط هذه الشركة بالتحديد يكمن في تأمينها "منجم ذهب استخباراتي مجاني" للكيان الصهيوني، مقابل الخدمات التي تقدمها لعملائها في الخليج.

 

شراكة الموت والقتل:

على الرغم من الحجم المتزايد للشراكة الإماراتية - الإسرائيلية، فإن طريق الإمارات للحصول على التقنيات الإسرائيلية لا يبدو مرصعاً بالماس والورود دائماً. عام 2012 حاولت الإمارات الحصول على طائرات بدون طيار من شركة "إيرونوتيك ديفينس سيستمز"، التي كان يرأسها رجل الأعمال الإسرائيلي آفي ليومي، لكن الصفقة توقفت بسبب معارضة وزارة الدفاع الإسرائيلية، بعد تسديد الإمارات مبلغ 70 مليون دولار من ثمن الصفقة.

في العام التالي مباشرة قامة شركة "رافائيل" الإسرائيلية بتزويد الجيش الإماراتي بمدرعات من طراز "سامسون" بقيمة تعدت 35 مليون دولار (تمت الصفقة عبر أحد أبرز رجال الأعمال المستثمرين في عالم الماس، وهو الجنوب أفريقي ديفيد هيرشويتز).

لا تنتهي القائمة عند هذا الحد، إذ تمتد لتشمل العديد من رجال الأعمال والشركات الإسرائيلية، التي تقوم بممارسة أنشطتها التجارية في الإمارات في ما يتعلق بالخدمات الأمنية. أحد هؤلاء هو ديفيد مايدان المستشار السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لشؤون أسرى الحرب حتى أواخر عام 2014، والذي يرأس اليوم مجلس إدارة شركة "ديفيد مايدان" للمشروعات، وقد عمل مايدان كوكيل للموساد لمدة 30 عاماً، ويقدم خدمات شركته اليوم للإمارات في مجال الأمن الداخلي. بشكل عام تقدر دورية "إنتليجنس أون لاين" حجم التجارة الأمنية بين أبوظبي وإسرائيل بقرابة ثلاثة مليارات دولار سنوياً

"

صحيفة الخندق