Ar Last Edition
Ar Last Edition

Download Our App

في التالي تعرض الخندق لأبرز نقاط الورقة المقدمة من اللواء احتياط يعقوب عميدرور حول الأمن القومي الإسرائيلي وتحدياته الراهنة، علماً أن الورقة المذكورة كانت قد نُشرت في 18/07/2021 من قِبل معهد القدس للدراسات الاستراتيجية والأمنية

خليل قصيباني

الأمن القومي الإسرائيلي: إعادة مراجعة

في التالي تعرض الخندق لأبرز نقاط الورقة المقدمة من اللواء احتياط يعقوب عميدرور حول الأمن القومي الإسرائيلي وتحدياته الراهنة، علماً أن الورقة المذكورة كانت قد نُشرت في 18/07/2021 من قِبل "معهد القدس للدراسات الاستراتيجية والأمنية"، وهو أحد أبرز "مراكز التخطيط والدراسات" اليمينية في الكيان الصهيوني، وكانت الورقة هذه قد اعتُمدت كمادة رئيسة في التوصيات المرفوعة لحكومة الاحتلال السادسة والثلاثين الحالية.

تتحفظ الخندق على جميع العبارات المدرجة في الدراسة أدناه، التي تصف الكيان بالـ"دولة" فضلاً عن كونه "دولة ديمقراطية".

***

الكاتب: يعقوب عميدرور، لواء احتياط ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق.

ترجمة وتلخيص: خليل قصيباني

ينبغي لمفهوم الأمن القومي الإسرائيلي أن يلحظ ثلاث أركان أساسية كمنطلق للبحث.
1- "
إسرائيل" تعمل  في ميدان غير متماثل بشكل حاد من عدة معايير كمية. من ناحية، ستواجه إلى الأبد فجوة كبيرة على مستوى تعداد السكان بينها وبين دول الجوار. تكتسب هذه النقطة أهمية إضافية عند احتساب فئات المجتمع التي تتحمل عبء الدفا ع عن إسرائيل، فشريحتي العرب والحريديين لا يتصدون لهذه المهمة (21% و12% من السكان على التوالي). ومن ناحية أخرى، ستبقى "إسرائيل" دولة صغيرة المساحة، وبالتالي حساسة جداً لخسارة أراضي أو لصواريخ عالية الدقة - بخلاف أغلب جيرانها.
2-
"إسرائيل" لن تصل يوماً للحظة "غزو برلين" (انتصار الحلفاء على النازية في الحرب العالمية الثانية)، أي أنها لن تحقق نصراً حاسماً يغيّر البيئة السياسية في الإقليم لناحية رغبة الشعوب المجاورة في القضاء على "دولة إسرائيل". هذا يعني أن إنتصار "إسرائيل" في أية حرب لن يضمنَ، مرة واحدة وللأبد، عدم مواجهة "إسرائيل" لتهديدات وجودية. ويضاف إلى ما سبق أن هزيمة "إسرائيل" الأولى محتمل أن تكون الأخيرة، خاصة إذا ما انتهى المطاف بسيطرة قوى عربية وإسلامية على أراض إسرائيلية. وهذا ليس هو الحال في أي من الدول العربية التي قد تهزمها "إسرائيل" أو تحتل جزءاً من أراضيها.
3-
إن مركز الثقل في "إسرائيل" محصور في نطاق جغرافي ضيق في "غوش دان" حول تل أبيب. تضم هذه المنطقة مقرات المؤسسات السياسية والعسكرية والإقتصادية، لذا يتوجب إبقاء القتال بعيداً عنها وحمايتها من الهجمات لضمان التحكم والسيطرة خلال أي حرب مقبلة. وبسبب حاجة "إسرائيل" لنقل القوات بين عدة جبهات، يجب ضمان إمكانية العبور في الطرق الأساسية وسط "إسرائيل" التي تربط بين الجبهات. في زمن الصواريخ الدقيقة، تعاني "إسرائيل" من هشاشة حقيقية في حماية "قلبها الإستراتيجي" ومنشآتها الحيوية.

الحقائق المذكورة أعلاه أدّت إلى بروز عدة مبادئ توجّه عملية صنع القرار وصياغة سياسات الأمن القومي في "إسرائيل" وهي:
1-
بذل "إسرائيل" قصارى جهدها لتعزيز قدراتها الدفاعية. فلا يجب عليها، وهي لا تقدر على الإعتماد على الآخرين لخوض حروبها. يعكس هذا المبدأ مأزق "إسرائيل" الجغرافي الذي يحتّم عدم الركون إلى عمليات صنع القرار في دولة أخرى. "إسرائيل" لا تملك ترف خيار هذا الإنتظار، ومن الممكن هزيمتها قبل وصول دعم من الخارج. يتعزز هذا المبدأ مع ملاحظة تراجع الحضور الأمريكي المتواصل في الشرق الأوسط. فبالرغم من إغتيال الجنرال قاسم سليماني، إلا أن الولايات المتحدة فشلت في الرد على هجمات أرامكو واستهداف السفن في مياه الخليج وإسقاط إيران لطائرة إستطلاع أمريكية من قبل. كل هذا يثبت بما لا يقبل الشك أن على "إسرائيل" الإعتماد فقط على قدراتها لحماية نفسها من الأعداء (القريبين والبعيدين).
2-
العمل على زيادة عديد القوات النظامية بالإضافة إلى الحفاظ على جهوزية قوات الإحتياط (التعبئة) وسرعة إلتحاقها في الخدمة عند الحاجة. هذان أمران ضروريان لتجاوز التفوق العددي لأعداء إسرائيل، من دون الإعتماد على مساندة قوى خارجية.
3-
بناء قدرات ردع متعددة المستويات لثني العدو عن مهاجمة أراضيها وسكانها بالإضافة لمنع أي نوع من التهديدات الوجودية. عليها أيضا المبادرة لمنع الإخلال بتفوقها النوعي على كل أعدائها، خاصة منعهم من إمتلاك ترسانة نووية.
4-
لأجل الردع والدفاع، وأيضاً لأجل الهجوم عند الضرورة، يجب الحفاظ على "التفوق النوعي" مع الأعداء وهذا يتم من خلال  إستخدام الوسائل التكنولوجية المتقدمة وبناء الكادر البشري. على "إسرائيل" إكتشاف الأفراد ذوي الطاقات والموهبة، ليتم تأهيلهم بشكل حسن، ثم تشكيلهم في الوحدات النوعية كالسايبر والاستخبارات والقوات الجوية والبحرية والقوات الخاصة. إن إكتشاف هؤلاء الأشخاص يجب أن يتم بشكل أساسي من خلال الحفاظ على نظام الخدمة الإلزامية. في الوقت نفسه، يجب تطوير الصناعات العسكرية لأنها الجهة التي ينتظر منها تقديم الأسلحة والوسائل التي تغير "قواعد اللعبة" ولأنه لا يمكن الإعتماد بشكل كامل على الحصول على التقنيات الحديثة من الخارج.
5-
"إسرائيل" بحاجة للحفاظ على أجهزة إستخبارية كبيرة (نسبة لحجمها) لتؤدي عدة مهام متكاملة منها: فهم البيئة الإستراتيجية وتوفير إنذار مبكر للمخاطر المحدقة، جمع معلومات عن مواقع الصواريخ الدقيقة وترتيبها وفق الأكثر أهمية ما يتيح إستهداف أكبر عدد ممكن منها، وتنفيذ عمليات أمنية سرية في الخارج.
6-
تطوير قدرات السايبر لحماية المنشآت العسكرية والمدنية بالإضافة لشن عمليات سيبرانية في الخارج. تشكّل هذه القدرات المعقدة رافعة لتعزيز مكانة "إسرائيل" يمكن ترجمتها إلى مكاسب إستراتيجية في عدة ميادين.
  7-
التحول الحاصل في طبيعة التهديدات التي تواجهها "إسرائيل" على الجبهة الداخلية نتيجة إزدياد عدد صواريخ العدو ودقتها يوجب تغيير أولويات حماية هذه الجبهة من خلال أربع خطوات:

-       تعزيز أنظمة إعتراض الصواريخ.

-       تحصين المنشآت الحيوية.

-       إستهداف منصات الصواريخ قبل إطلاقها.

-       ردع العدو عن إستخدام هذه الصواريخ من خلال التذكير الدائم بقدرة "إسرائيل" على الرد وإلحاق الخسائر.

 

8- ترتكز قوة "إسرائيل" العسكرية على العناصر التالية التي يجب تعزيزها بشكل دائم: سلاح جو قوي ومتقدم، قادر على تنفيذ مهام في أماكن بعيدة عن إسرائيل، قوات برية كبيرة نسبية لكن بحاجة لتحسين فعاليتها القتالية، قوات بحرية صغيرة لكن متطورة وقادرة على العمل على كامل مساحة حوض المتوسط، أنظمة دفاعية متعددة المستويات تؤمن الحماية للجبهة الداخلية، وأسلحة عالية الدقة تتيح إمكانية تنفيذ ضربات مكثفة بكفاءة عالية.
9-
تستثمر "إسرائيل" نسبة مهمة من دخلها القومي في مشاريع الأبحاث والتطوير، لكن تصاعد مستوى وطبيعة التهديدات تحتّم زيادة هذه الموازنة.
10-
نظراً لهامشها الأمني الضيق، على "إسرائيل" تبني سياسة حذرة ومدروسة تجنّبها الإنجرار إلى حروب غير ضرورية. خيار المبادرة إلى الحرب يجب إتخاذه فقط عندما تعجز كافة الوسائل الأخرى عن دفع مخاطر مستقبلية كبرى. لكن على "إسرائيل" أيضاً  إستغلال مراحل التحوّلات والأزمات الكبرى التي قد تطرأ في دول الجوار، حتى لو لم يكن النجاح مضموناً.
11-
على "إسرائيل" إبعاد المعارك بأكبر قدر ممكن عن حدودها. هذا يتم من خلال إنشاء "أحزمة أمنية" خارج حدودها أيام السلم، ونقل القتال إلى أراضي العدو أيام الحرب.
12-
على الجيش أجهزة الإستخبارات بناء قدرات تمكنها من شن عمليات خارجية خلال الحرب وفي أكثر من جبهة في وقت واحد.
13-
إستناداً إلى تجارب السنوات الماضية، تدرك "إسرائيل" أنها بعد كل جولة قتالية عاجزة عن سلب قدرات العدو على شن هجوم مستقبلي، أي أن سلسلة الحروب لن تنتهي بنصر حاسم ونهائي (كانتصار الحلفاء في برلين في الحرب العالمية الثانية). لذا يجب أن يكون الهدف من أية حرب تأجيل موعد الحرب اللاحقة أطول فترة ممكنة من خلال إفهام العدو أن عليه أن يتوقع ضربات أقسى بكثير في الجولة المقبلة. في الحرب مع المنظمات غير الحكومية، لا يكفي تدمير قدراتهم وإغتيال قادتهم، بل يجب تحطيم "أساطيرهم" حول الشهادة والبطولة من خلال أسرهم أحياء.
14-
لا تسع "إسرائيل" للتوسع والسيطرة على أراضي دول الجوار، لكنها ستتعامل بحزم وقد تبادر إلى الحرب في حال حاولوا كسر توازن القوى القائم بشكل يهدد بقاء الدولة.
15-
ما ذكر أعلاه عن الحذر وتجنب الإنجرار إلى حروب غير ضرورية من جهة، ومنع محاولات كسر التوازن من جهة أخرى، يستدعي القيام بخطوات على قدر عال من المخاطر أحياناً. وأفضل مثال على ذلك هو "عمليات ما بين الحروب" التي تهدف إلى إزالة مخاطر مستقبلية والحفاظ على تفوق "إسرائيل" النوعي.
16-
بما أن "إسرائيل دولة ديمقراطية"، ينبغي عدم خوض الحروب إلا في حال كانت تحظى برأي عام مؤيد، خاصة في الحروب التي ستتعرض فيها الجبهة الداخلية لهجمات مؤلمة. في الوقت نفسه، ينبغي تحصيل غطاء شرعي دولي وبشكل أساسي من الولايات المتحدة الأميركية.

طبيب لبناني